من طرف لا خطا في الطباعة ..
فهي كومة تلك التي عرضت على مجلس النواب العراقي وصوت عليها اما بالاجماع او الاغلبية الكبيرة ومازال ثلثها الباقي في علم الغيب ..كومة من الرجال الذين لم يرضوا حتى طموح رئيسهم الذي قبلهم على مضض ارضاء لهذا الطرف او ذاك ومن اجل ان يبقى الرجل على راس هذه (الكومة) اربع او ثلاث سنوات قادمة لايعلم الا الله كيف ستكون احوال العراقيين فيها ..
وهكذا يختم العراقيون عاما كاملا امضوه بلا حكومة صائمين عن الامن والخدمات وابسط مستلزمات العيش الكريم ليفطروا على حكومة اقل ما يقال عنها انها وليدة مشوهة للمحاصصة البغيضة التي باتت اسسها اعمق واقوى في حياة العراقيين شاءوا ام ابوا وستبقى كذلك الى يوم يبعثون لان لا احد يتطيع ان ينفرد بكل الكعكة وما فيها من حلوى والعذر الجاهز هو ان ديمقراطيتنا فتية وان العراق بلد متعدد الاعراق والمذاهب ولهذا فان الدولة كلها لابد ان تخضع لنظام المحاصصة الذي هو الوحيد الذي يصلح ان يكون من الالغاز والاحاجي لنسال اطفالنا عليه : ماهو الشيء الذي لم يذكره الدستور العراقي ولكنه يحكم العراق فعلا وقولا ؟
ولو استعرضنا الاسماء التي ضمتها التشكيلة (الكومية ) الجديدة فاننا لن نجد فيها وزيرا واحدا له اهتمام او اختصاص لامن قريب ولا من بعيد بالوزارة التي ولّي عليها ..ونسمع من هنا وهناك ان العاملين في الوزارة الفلانية يعترضون على وزيرهم الجديد لانه لايعلم من تفاصيل عمل وزارته ..شيئا فكيف استوزر اذاً وكيف سيخدم شعباً طالت معه سنوات الحرمان والفقر والعوز والحاجة لكل شيء؟ وما جدوى هذا العدد الكبير من وزارات الدولة التي لامهام لها الا اضافة جيوش من العاطلين الذين ياخذون اعلى الرواتب ويضيفون اعباء جديدة على ميزانية منهكة وجهاز اداري مترهل ؟
وما زاد الطين بلة تصريحات السيد رئيس الوزراء الذي اكد لصحيفة امريكية ان ما لايقل عن ثمانية وزارات منحت لشخصيات مجاملة او ارضاء لكتلهم نتيجة ما حققته من نتائج في انتخابات مجلس النواب الماضية ..وهنا يتبادر الى الذهن سؤال بريء وبسيط وهو كيف سيخدم وزيرا جاء بهذه الطريقة المواطنين من خلال كرسيه الذي منح له مجاملة او ارضاء؟واذا كانت كل الكتل النيابية ممثلة في هذه الكومة فمن الذي يعارض ويراقب اعمالها ويحاسبها اذا اخطات او قصرت ؟وما الفرق اذا بينها وبين البرلمان الذي يضم هذه الكتل اللهم الا اذا استثنيا التسميات لتصبح الكومة تنفيذية والبرلمان تشريعيا ؟
لقد اضعنا عاما بالتمام والكمال ونحن في دوامة اجتثاث المرشحين ثم قانون الانتخابات المهلهل الذي تمخض عن هذه الكومة غير المتجانسة ثم انتظرنا شهرا لنتائج الانتخابات ثم اختلفنا على العد اليدوي والفرز الالي وامضينا في الامر شهرين ومن ثم اختلفنا على رد المحكمة الاتحادية العليا حول الكتلة الاكبر وهل ان تفسيرها قرار ام مجرد راي ثم اضعنا اشهرا في مفاوضات ماراثونية لتشكيل حكومة يقبل بها الجميع وكانت النتيجة انها (كومة) ارضت الجميع من السياسيين الا الشعب المغلوب على امره والمبتلى بسياسييه الذين اقتسموا المناصب والامتيازات والرواتب وتنكروا للبرامج الوردية التي رفعوها خلال حملاتهم الدعائية التي كانت ستجعل من العراق يابان او المانيا العالم الجديد ..وان العراقي سيعيش في بحبوحة من الامن والرخاء اذا انتخبناهم فقط فيما تبين بعد عشرة اشهر من الانتخابات ان بطاقتنا التموينية في طريقها الى الالغاء وان ميزانيتنا العامة تعاني عجزا بالمليارات وان كل شيء فيها قد تقلص بعد ان خصص خمسها لتعويض (الاشقاء)على ذنب لم نقترفه ..وبعد ان كوّش (الاخوان في الشمال )على سدسها تقريبا..وان الفساد ينخر جسد الدولة واساساتها وان الوعود كلها اصبحت هواء في شبك ..وهكذا يجد المواطن البسيط نفسه وقد حل عليه عام جديد :يائسا محبطا مهموما مكسور الجناح وهو يردد قول المتنبي العظيم:
وسوى الروم من خلف ظهرك روم ..فعلى اي الجانبين تميل
وحتى ياذن الله ويقدم لنا السيد رئيس الوزراء بقية التشكيلة وطبعا نريد فيها خلطة من البهارات النسوية التي لاطعم للكومة بدونها وكذلك الرجال الذيم سيسهرون على امن بلدنا من الوزراء الامنيين تعالوا جميعا نثق بما قاله السيد رئيس الوزراء ان التشكيلة الوزارية لديها نوايا صادقة للنهوض بواقع البلد لان الاعمال بالنيات ولكل امريء مانوى ..رغم انني اؤمن ايمانا قاطعا ان النوايا وحدها لاتبني بلدا ..ولا تسعد مواطنا.. ولا تغير حالا مادامت المحاصصة المقيتة قد وصلت الى الجذور ويبدو ان لا خلاص منها على المدى المنظور.