استمرار الصراعات السياسية يوقظ خلايا الانقلابات
كتابات - حسين العسلاوي
بعد نهاية اب الشهر المحدد الذي تم به انسحاب القوات المقاتلة من العراق تمهيدا لعملية الاجلاء الكاملة في العام المقبل حسب مزاعم وادعاءات واشنطن اثيرت ضجة واسعة بين الاوساط السياسية والاعلامية وتسارع وبوتيرة واحدة العشرات من كتاب الاعمدة ومواقع الانترنيت للادلاء بأراهم وطروحاتهم حول الانعكاسات التي ستترتب على هذا القرار وقد تباينت والحال هكذا مع كل حدث جديد الافكار والتحليلات التي حاولت ان تستقرئ مايحيط بهذا الامر مع اختلاف الزاوية التي ينظر منها الكاتب للموضوع وتاثير الخلفية الايديولوجية على ذلك الاستنتاج,الا ان اغلب تلك الموضوعات سلطت الضوء على عاملين الاول قدرة قوى الامن العراقية على تولي زمام الامور في البلاد ,والثاني هل عملية الانسحاب سيتدشن عصر جديد من الانفتاح والديمقراطية اما انها ستفتح شهية المتأمرين على تغذية الانقلابات والانتفاضات ومحاولة احياء جذور الخلايا النائمة من جديد. والشطر الثاني من التساؤل سيكون موضع الدرس والمناقشة كونه لم يحظ بالتحليل العلمي الرصين المستخلص من حفائرالتاريخ العراقي المعاصر لذلك استبعد معظم المراقبيين والباحثين حصول عمليات ارتعاش ضخمة او زعزعة للامور في العراق مبررين ذلك بطبيعة التحول الاستراتيجي الكبير الذي طرا على البلاد بعد انهيار ديكتاتورية صدام المقيته وهو ايضا انهى فاعلية الحواضن والاوكار التي كانت تشجع الساسة للاقدام على قلب الاوضاع بشكل كامل .
وحسما للجدل المثار لابد من الاحتكام الى روايات التأريخ بهدف قطع التنبوأت بقوة الدليل والبرهان التي زودتنا بها الاحداث المتشابهة التي وقعت في الوطن خلال العقود المنصرمة والتي سناتي على ذكرها الان . فالحادثة الاولى انقلاب بكر صدقي عام 1936 الذي دبره بالتعاون مع حكمت سليمان والثاني ثورة مايس_ كيلاني عام 1941 .لكن قبل سرد تفاصيل المحورين ينبغي اعطاء صورة واضحة للوضع الذي كان سائد انذاك بين الفرقاء السياسين وابرز التطورات التي قادة هؤلاء الساسة الى تغيير الاوضاع. والغاية من ذلك هو دعم هذه السطور لتكون وثيقة ناصعة للقارئ الكريم
.فمما لايختلف علية اثنان ان السياسية العراقية لم تشهد استقرار ملحوظ وهدوء نسبي منذ انبثاق الدولة العراقية في عشرينيات القران الفائت ويراجع ذلك الى افتقارها للاعراف والتقاليد التي تنظم عمل المؤسسات ودوئر صنع القرار وبغياب هذه القواعد فانها حتما ستكون عرضة للتجاذبات والتقلبات والتغيرات السريعة التي يختلقها الساسة المتناطحين والمتنافسين على الحكم لذلك فالمناخ الذي هيمن على الوضع قبل اندلاع الثورتين مع ادراكنا بالفارق الزمني كانت متقاربة الى حد ما فالانقسامات الحادة والاتهامات المتبادلة فضلا عن السعي المقصود لاقصاء كتل على اخرى كانت الصفات السائدة على الوضع ومعطياته العامة لذلك اسهمت في اغرق الاجواء بسيل جارف ن الزوابغ والمنغصات العسيرة فلم يكن امام تلك القوى التي غمط حقها وصودرت جهودها الى ان تلجأ الى الوسائل الغير مشروعة في خطوة تهدف الى استرجاع ما ضاع من سنوات النضال لبناء دولة معاصرة لذلك فان الاضطرابات النفسية التي نجمت بعد تقليص دور الفاعلين والمشاركين لبدت الاجواء بالغيوم وافرزت حقبة من التطاحنات والصراعات الشديدة لدرجة جعلت عمليات التامر مقبوله لا بل اخذ بعض الساسة يكرس لحيثياتها ويجهر بها باعتبارة جزء من قواعد اللعبة الساسية وهذا غيض من فيض بالنسبة لماكان يجري وقتئذ وقد تطرقنا له بشكل مقتضب لتماثل اجزاءه مع مايجري اليوم في المسرح السياسي
على اي حال نعود الى تفصيل الحادثتين فبعد ان تبوأ منصب رئيس الوزراء ياسين الهاشمي وامسك بالسلطة كانت كل المعطيات تشير الى ارادته الفردية واحتكاره للسلطة ما احرج موقف حكمت سليمان الحالم بدور اتاتورك فتلاشى دوره وتقلص حجمة في صناعة القرار فضلا عن رفض معظم الكتل التحالف معه لتكوين جبهة موحدة يمكن ان تمارس الضغط على الملك لحل وزارة الهاشمي
فلم يكن امامه اي باب للخروج من ازمته التي كان يعانيها سوى قوة الجيش التي راح يبلور الموقف لاقناع الجنرالات وبالفعلا تم ذلك بعد ان عقد صفقة مع الجنرال بكر صدقي لتقاسم السلطة في تولي قيادة البلاد. ولم يتوانا او يتاخر صدقي باصدار اومره الى الوحدات العسكرية بالتحرك لاحتلال مبنى الورزاة وحسم الموقف لصالح حكمت الذي اسرع بدورة لتشكيل حكومتة. وهذا الانقلاب حمل بعدين الاول اخراج الجيش من ثكناته العسكرية وادخاله عى خط المواجهة مع دهاليز السياسة والثاني انه حدث بعد اربع سنوات من تاريخ اذاعة بيان استقلال العراق في عام 1932 وهو الاعلان الذي يشبه ما حدث في شهر اب الماضي والذي جاءت المقاله لاجله
ولم تختلف دوافع رشيد عالي الكيلاني عن سلفه في طبخ قرارته في اروقة الجيش ومحاولة اغراء العقداء الاربعة ايضا في اسقاط الحكومة وفي صبيبحة الاول من مايس اخرجت جحافل الجيش وامطرت القصرالملكي بوابل من الرصاص وقذائف الهاون التي توالت على القصر الملكي ومعه وزاراته لينتهي الامر بهروب الوصي عبد الاله وانهيار الدوله وقد فتحت هذه الثورة الطريق امام بريطانيا لاحتلال العراق من جدد والتحكم بأوامره وقد وقعت هذه الثورة بعد تاريخ الاستقلال المشار اليه بعشرة سنوت وبالرغم من الاطلاله المقتضبة على احداث الثورتين الا اننا نشعر بان الغاية هي ربط الاحداث التاريخية وتماثل التطورات مع الوقت الراهن والمهم في الامر ان الوثائق التي كشفت فيما بعد عن دوافع الانقلابين اكدت عدم وجود خطة ستراتيجية تهدف الى تصحيح المسارات اوتغير نظام السلطة انما فقط جاءت بدافع الحقد والانتقام وهذا فعل خطير في الادبيات السياسية لانها رسمت ملامح ظاهرة بدات تتبلور في الوقت الرهن وهي ظاهرة التشرذم وانعدام الثقة وسنتطرق لها في السطور اللاحقة
فلايخفى على احد ان من يدير شؤون البلاد اليوم هم فصائل المعارضة وبالطبع فجميعها تدعي الاحقية والمشروعية في اعتلاء كرسي السلطة فكل كيان يعتبرنفسه الوحيد الذي اقنع واشنطن في اسقاط عروش صدام وبالتالي فان اي محاولة تستهدف هذا الكيان تثير عنده الحساسية وتطرح امامة كل الخيارت للتعامل معها بغية استرجاع نضالة ومقارعته للسلطة المندثرة وبخلاف ذلك فان الامور تتجه نحو الاحتقان والتخندق الفظيع فالجهود المبذولة
من قبل القوائم الكبيرة الى عزل وابعاد التكتلات الصغيرة حتما يولد ظاهرة فقدان الثقة واشاعة روحية الكراهية والتشنجات التي غلبت على روح التفاهمات المشتركة.
وباستمرار سياسية التميز والعزل فان الوضع مرشح للانفحار في الوقت المناسب والفرصة السانحة
وهنا قد يعترض علي رهط كبير من المتابعين لعملية الانزياح والترابط التي اجريتها في هذه السطور المقارنه مع الحفاظ على الفارق الزمني.
اقول ان التاريخ خلفية حدث وعندها تنصهر الحوادث ليعاد صياغتها وفق المناخات السياسية كما ان هناك عدد كبير من الساسة الذين لازالوا يؤمنون بالخيارالعسكري كحل وحيد وبديل للملفات العالقة والخلافات المتجذرة ويعتبرون المعاير السلمية والتدول الطبيعي للسلطة حالة من الكذب والخداع خاصة في مجتعات الشرق الاوسط التي الفت العنف والحروب .
وفي نهابة المطاف اقوال ان الايام المقبلة تحمل في طياتها المزيد من الانقلابات النائمة في سباتها المؤقت لمجيئ اللحظة المشوشة لتنفيذها على الواقع
وان طال امدها لعدة اعوام كما هي ثورة مايس
بغداد
كتابات - حسين العسلاوي
بعد نهاية اب الشهر المحدد الذي تم به انسحاب القوات المقاتلة من العراق تمهيدا لعملية الاجلاء الكاملة في العام المقبل حسب مزاعم وادعاءات واشنطن اثيرت ضجة واسعة بين الاوساط السياسية والاعلامية وتسارع وبوتيرة واحدة العشرات من كتاب الاعمدة ومواقع الانترنيت للادلاء بأراهم وطروحاتهم حول الانعكاسات التي ستترتب على هذا القرار وقد تباينت والحال هكذا مع كل حدث جديد الافكار والتحليلات التي حاولت ان تستقرئ مايحيط بهذا الامر مع اختلاف الزاوية التي ينظر منها الكاتب للموضوع وتاثير الخلفية الايديولوجية على ذلك الاستنتاج,الا ان اغلب تلك الموضوعات سلطت الضوء على عاملين الاول قدرة قوى الامن العراقية على تولي زمام الامور في البلاد ,والثاني هل عملية الانسحاب سيتدشن عصر جديد من الانفتاح والديمقراطية اما انها ستفتح شهية المتأمرين على تغذية الانقلابات والانتفاضات ومحاولة احياء جذور الخلايا النائمة من جديد. والشطر الثاني من التساؤل سيكون موضع الدرس والمناقشة كونه لم يحظ بالتحليل العلمي الرصين المستخلص من حفائرالتاريخ العراقي المعاصر لذلك استبعد معظم المراقبيين والباحثين حصول عمليات ارتعاش ضخمة او زعزعة للامور في العراق مبررين ذلك بطبيعة التحول الاستراتيجي الكبير الذي طرا على البلاد بعد انهيار ديكتاتورية صدام المقيته وهو ايضا انهى فاعلية الحواضن والاوكار التي كانت تشجع الساسة للاقدام على قلب الاوضاع بشكل كامل .
وحسما للجدل المثار لابد من الاحتكام الى روايات التأريخ بهدف قطع التنبوأت بقوة الدليل والبرهان التي زودتنا بها الاحداث المتشابهة التي وقعت في الوطن خلال العقود المنصرمة والتي سناتي على ذكرها الان . فالحادثة الاولى انقلاب بكر صدقي عام 1936 الذي دبره بالتعاون مع حكمت سليمان والثاني ثورة مايس_ كيلاني عام 1941 .لكن قبل سرد تفاصيل المحورين ينبغي اعطاء صورة واضحة للوضع الذي كان سائد انذاك بين الفرقاء السياسين وابرز التطورات التي قادة هؤلاء الساسة الى تغيير الاوضاع. والغاية من ذلك هو دعم هذه السطور لتكون وثيقة ناصعة للقارئ الكريم
.فمما لايختلف علية اثنان ان السياسية العراقية لم تشهد استقرار ملحوظ وهدوء نسبي منذ انبثاق الدولة العراقية في عشرينيات القران الفائت ويراجع ذلك الى افتقارها للاعراف والتقاليد التي تنظم عمل المؤسسات ودوئر صنع القرار وبغياب هذه القواعد فانها حتما ستكون عرضة للتجاذبات والتقلبات والتغيرات السريعة التي يختلقها الساسة المتناطحين والمتنافسين على الحكم لذلك فالمناخ الذي هيمن على الوضع قبل اندلاع الثورتين مع ادراكنا بالفارق الزمني كانت متقاربة الى حد ما فالانقسامات الحادة والاتهامات المتبادلة فضلا عن السعي المقصود لاقصاء كتل على اخرى كانت الصفات السائدة على الوضع ومعطياته العامة لذلك اسهمت في اغرق الاجواء بسيل جارف ن الزوابغ والمنغصات العسيرة فلم يكن امام تلك القوى التي غمط حقها وصودرت جهودها الى ان تلجأ الى الوسائل الغير مشروعة في خطوة تهدف الى استرجاع ما ضاع من سنوات النضال لبناء دولة معاصرة لذلك فان الاضطرابات النفسية التي نجمت بعد تقليص دور الفاعلين والمشاركين لبدت الاجواء بالغيوم وافرزت حقبة من التطاحنات والصراعات الشديدة لدرجة جعلت عمليات التامر مقبوله لا بل اخذ بعض الساسة يكرس لحيثياتها ويجهر بها باعتبارة جزء من قواعد اللعبة الساسية وهذا غيض من فيض بالنسبة لماكان يجري وقتئذ وقد تطرقنا له بشكل مقتضب لتماثل اجزاءه مع مايجري اليوم في المسرح السياسي
على اي حال نعود الى تفصيل الحادثتين فبعد ان تبوأ منصب رئيس الوزراء ياسين الهاشمي وامسك بالسلطة كانت كل المعطيات تشير الى ارادته الفردية واحتكاره للسلطة ما احرج موقف حكمت سليمان الحالم بدور اتاتورك فتلاشى دوره وتقلص حجمة في صناعة القرار فضلا عن رفض معظم الكتل التحالف معه لتكوين جبهة موحدة يمكن ان تمارس الضغط على الملك لحل وزارة الهاشمي
فلم يكن امامه اي باب للخروج من ازمته التي كان يعانيها سوى قوة الجيش التي راح يبلور الموقف لاقناع الجنرالات وبالفعلا تم ذلك بعد ان عقد صفقة مع الجنرال بكر صدقي لتقاسم السلطة في تولي قيادة البلاد. ولم يتوانا او يتاخر صدقي باصدار اومره الى الوحدات العسكرية بالتحرك لاحتلال مبنى الورزاة وحسم الموقف لصالح حكمت الذي اسرع بدورة لتشكيل حكومتة. وهذا الانقلاب حمل بعدين الاول اخراج الجيش من ثكناته العسكرية وادخاله عى خط المواجهة مع دهاليز السياسة والثاني انه حدث بعد اربع سنوات من تاريخ اذاعة بيان استقلال العراق في عام 1932 وهو الاعلان الذي يشبه ما حدث في شهر اب الماضي والذي جاءت المقاله لاجله
ولم تختلف دوافع رشيد عالي الكيلاني عن سلفه في طبخ قرارته في اروقة الجيش ومحاولة اغراء العقداء الاربعة ايضا في اسقاط الحكومة وفي صبيبحة الاول من مايس اخرجت جحافل الجيش وامطرت القصرالملكي بوابل من الرصاص وقذائف الهاون التي توالت على القصر الملكي ومعه وزاراته لينتهي الامر بهروب الوصي عبد الاله وانهيار الدوله وقد فتحت هذه الثورة الطريق امام بريطانيا لاحتلال العراق من جدد والتحكم بأوامره وقد وقعت هذه الثورة بعد تاريخ الاستقلال المشار اليه بعشرة سنوت وبالرغم من الاطلاله المقتضبة على احداث الثورتين الا اننا نشعر بان الغاية هي ربط الاحداث التاريخية وتماثل التطورات مع الوقت الراهن والمهم في الامر ان الوثائق التي كشفت فيما بعد عن دوافع الانقلابين اكدت عدم وجود خطة ستراتيجية تهدف الى تصحيح المسارات اوتغير نظام السلطة انما فقط جاءت بدافع الحقد والانتقام وهذا فعل خطير في الادبيات السياسية لانها رسمت ملامح ظاهرة بدات تتبلور في الوقت الرهن وهي ظاهرة التشرذم وانعدام الثقة وسنتطرق لها في السطور اللاحقة
فلايخفى على احد ان من يدير شؤون البلاد اليوم هم فصائل المعارضة وبالطبع فجميعها تدعي الاحقية والمشروعية في اعتلاء كرسي السلطة فكل كيان يعتبرنفسه الوحيد الذي اقنع واشنطن في اسقاط عروش صدام وبالتالي فان اي محاولة تستهدف هذا الكيان تثير عنده الحساسية وتطرح امامة كل الخيارت للتعامل معها بغية استرجاع نضالة ومقارعته للسلطة المندثرة وبخلاف ذلك فان الامور تتجه نحو الاحتقان والتخندق الفظيع فالجهود المبذولة
من قبل القوائم الكبيرة الى عزل وابعاد التكتلات الصغيرة حتما يولد ظاهرة فقدان الثقة واشاعة روحية الكراهية والتشنجات التي غلبت على روح التفاهمات المشتركة.
وباستمرار سياسية التميز والعزل فان الوضع مرشح للانفحار في الوقت المناسب والفرصة السانحة
وهنا قد يعترض علي رهط كبير من المتابعين لعملية الانزياح والترابط التي اجريتها في هذه السطور المقارنه مع الحفاظ على الفارق الزمني.
اقول ان التاريخ خلفية حدث وعندها تنصهر الحوادث ليعاد صياغتها وفق المناخات السياسية كما ان هناك عدد كبير من الساسة الذين لازالوا يؤمنون بالخيارالعسكري كحل وحيد وبديل للملفات العالقة والخلافات المتجذرة ويعتبرون المعاير السلمية والتدول الطبيعي للسلطة حالة من الكذب والخداع خاصة في مجتعات الشرق الاوسط التي الفت العنف والحروب .
وفي نهابة المطاف اقوال ان الايام المقبلة تحمل في طياتها المزيد من الانقلابات النائمة في سباتها المؤقت لمجيئ اللحظة المشوشة لتنفيذها على الواقع
وان طال امدها لعدة اعوام كما هي ثورة مايس
بغداد